علاج جفاف العين وأسبابه

جفاف العين: أسبابه وطرق علاجه

تُعد مشكلة جفاف العين من بين أكثر المشكلات شيوعًا التي يعاني منها الأشخاص في مختلف الأعمار، إذ تشير الدراسات إلى أن ما يقارب 50% من الأشخاص يعانون من أعراض جفاف العين بشكل أو بآخر. ورغم أن هذه الحالة تبدو بسيطة، إلا أنها قد تؤثر بشكل كبير على جودة الحياة اليومية، كما أنها قد تؤدي إلى مضاعفات صحية على المدى الطويل إذا لم يتم التعامل معها بالشكل الصحيح.

1. ما هو جفاف العين؟

جفاف العين هو حالة طبية تحدث عندما لا تتمكن العين من إفراز كميات كافية من الدموع لترطيب سطح العين أو عندما تتبخر الدموع بسرعة كبيرة. الدموع لا توفر فقط الترطيب، بل تساعد أيضًا على حماية العين من الملوثات والعدوى. وعندما تصبح هذه الوظائف غير كافية، يصبح سطح العين معرضًا للجفاف والتهيج.

2. أسباب جفاف العين

يمكن أن يكون جفاف العين نتيجة لعدة عوامل قد تكون داخلية أو بيئية أو حتى ناتجة عن عوامل سلوكية. فيما يلي أبرز الأسباب التي تؤدي إلى جفاف العين:

2.1 قلة إفراز الدموع

• شيخوخة: مع تقدم العمر، يقل إنتاج الدموع بشكل طبيعي، مما يزيد من احتمال حدوث جفاف العين. هذا يحدث بشكل خاص لدى النساء في فترة ما بعد انقطاع الطمث.

• اضطرابات الغدد: الغدد الدمعية قد تتأثر ببعض الأمراض مثل التهابية المفاصل أو متلازمة شوغرن، مما يؤدي إلى تقليل إنتاج الدموع.

2.2 زيادة تبخر الدموع

• البيئة: التعرض المستمر للهواء الجاف، مثل الأماكن ذات التكييف القوي أو المناخ الصحراوي، يمكن أن يزيد من تبخر الدموع.

• استخدام الأجهزة الإلكترونية: النظر المستمر إلى شاشات الكمبيوتر أو الهواتف الذكية يؤدي إلى تقليل عدد مرات ومعدل blink (غلق العين)، مما يجعل الدموع تتبخر بسرعة أكبر.

2.3 مشاكل في تركيب الدموع

الدموع تتكون من ثلاث طبقات رئيسية: الماء، الزيوت، والمخاط. أي خلل في مكونات الدموع يمكن أن يؤدي إلى جفاف العين. بعض الأمراض مثل التهابات العين أو الخلايا الغدية المتضررة تؤثر على هذه المكونات.

2.4 العدسات اللاصقة

الارتداء المستمر للعدسات اللاصقة يمكن أن يؤدي إلى تجفيف العين، خاصة إذا لم يتم الاهتمام بها بشكل جيد أو إذا كانت العدسات مصممة بطريقة تتسبب في انخفاض تدفق الأوكسجين إلى العين.

2.5 الأدوية

بعض الأدوية قد تؤدي إلى جفاف العين كأثر جانبي. من بين هذه الأدوية مضادات الهيستامين، وأدوية مضادة للاكتئاب، وأدوية ضغط الدم، ومدرات البول، والمهدئات.

2.6 الاضطرابات الهرمونية

تلعب الهرمونات دورًا كبيرًا في توازن الدموع. فعلى سبيل المثال، قد يسبب التغير الهرموني المرتبط بالحمل أو انقطاع الطمث جفاف العين. كذلك، يمكن أن يؤثر مرض السكري على صحة الغدد الدمعية.

2.7 الإصابات أو الجراحة

الإصابات التي تصيب العين، مثل الجروح أو الحروق، قد تؤدي إلى تلف الغدد المنتجة للدموع. كما أن بعض العمليات الجراحية على العين، مثل جراحة الليزك، قد تؤدي أيضًا إلى حدوث جفاف العين.

3. أعراض جفاف العين

تختلف أعراض جفاف العين من شخص لآخر. ومع ذلك، تتشابه الأعراض الرئيسية التي يشعر بها المصابون بهذه الحالة، وتتمثل فيما يلي:

• شعور بالحكة أو اللسعة في العين.

• شعور بوجود شيء غريب في العين، مثل الرمال أو الغبار.

• احمرار العينين.

• ازدواجية الرؤية أو التغيرات في وضوح الرؤية.

• التعب أو الانزعاج عند ارتداء العدسات اللاصقة.

• تهيج العينين بسبب الضوء الساطع أو الرياح.

4. تشخيص جفاف العين

إذا كنت تعاني من أعراض جفاف العين، فإن أفضل خطوة هي زيارة طبيب العيون. يقوم الطبيب عادة بإجراء مجموعة من الفحوصات لتشخيص الحالة بدقة، ومن بين هذه الفحوصات:

4.1 اختبار شيرمر:

يستخدم هذا الاختبار لقياس كمية الدموع التي يتم إفرازها في العين.

4.2 اختبار صبغة الفلوريسئين:

يتم وضع صبغة خاصة على العين لمراقبة سرعة تبخر الدموع أو لتحديد وجود جفاف في العين.

4.3 اختبار تكسير الفيلم الدمعي:

يتم من خلاله قياس المدة التي يستغرقها الفيلم الدمعي ليبدأ في التكسير، مما يعكس حالة سطح العين.

5. طرق علاج جفاف العين

علاج جفاف العين يتطلب اتباع نهج شامل يتنوع بين العلاجات المنزلية والأدوية والعلاج الطبي المتخصص. في ما يلي بعض الطرق الأكثر فعالية في علاج جفاف العين:

5.1 الدموع الاصطناعية

تعتبر قطرات العين الاصطناعية من أكثر العلاجات شيوعًا لحالة جفاف العين. هذه القطرات تحتوي على مواد مرطبة تساعد في تخفيف الجفاف وتخفيف الأعراض المزعجة. يُفضل استخدام القطرات التي لا تحتوي على مواد حافظة لتجنب تهيج العين.

5.2 العلاج بالحرارة

استخدام الكمادات الدافئة على العين يساعد في تحفيز الغدد الدمعية على إنتاج المزيد من الدموع. يمكن استخدام كمادات مبللة دافئة أو أجهزة مصممة خصيصًا لهذا الغرض.

5.3 مراهم العين

يتم وصف المراهم التي تحتوي على مواد مرطبة لحماية العين أثناء الليل، إذ أن الشخص في أثناء النوم لا يرمش، مما قد يؤدي إلى زيادة جفاف العين.

5.4 العدسات اللاصقة الطبية

في بعض الحالات، يتم استخدام عدسات لاصقة طبية تساعد في الحفاظ على الرطوبة داخل العين وتخفيف التهيج الناتج عن الجفاف. يمكن أن تكون العدسات الاصطناعية خيارًا مناسبًا لأولئك الذين يعانون من جفاف شديد.

5.5 العلاج بالأدوية

يتم في بعض الحالات وصف أدوية مثل مثبطات مناعية أو أدوية مضادة للالتهابات لتقليل الالتهابات التي تؤثر على الغدد الدمعية وتنتج جفاف العين. من بين هذه الأدوية عقار “سيكلوسبورين” (Restasis)، الذي يعزز إنتاج الدموع.

5.6 العلاج بالليزر

يستخدم العلاج بالليزر في بعض الحالات لتحفيز الغدد الدمعية على إنتاج الدموع بشكل أكثر كفاءة. يتم من خلاله تسليط شعاع الليزر على سطح العين لتحفيز الغدد المنتجة للدموع.

5.7 الإغلاق المؤقت للقنوات الدمعية

في الحالات الشديدة، قد يُوصي الطبيب بإغلاق القنوات الدمعية مؤقتًا أو بشكل دائم باستخدام سدادات خاصة لمنع الدموع من التصريف بسرعة من العين. هذه الطريقة تساعد في الحفاظ على الرطوبة داخل العين لفترات أطول.

5.8 تغيير نمط الحياة

من الأمور المهمة التي يجب على المصاب بجفاف العين أخذها في الاعتبار هو تغيير بعض العادات اليومية مثل تقليل مدة استخدام الأجهزة الإلكترونية، الحرص على أخذ فترات راحة أثناء القراءة أو العمل على الكمبيوتر، وتجنب التعرض للمناطق الجافة أو المتربة.

5.9 مكملات الأحماض الدهنية

أظهرت الدراسات أن تناول مكملات تحتوي على الأحماض الدهنية أوميغا-3 يمكن أن يساعد في تحسين إنتاج الدموع وتقليل أعراض جفاف العين. يمكن الحصول على هذه المكملات من مصادر غذائية مثل الأسماك الدهنية أو المكملات.

6. نصائح للوقاية من جفاف العين

على الرغم من أن بعض العوامل التي تؤدي إلى جفاف العين قد تكون غير قابلة للتجنب مثل الشيخوخة، إلا أن هناك خطوات يمكن اتخاذها لتقليل خطر الإصابة:

• الترطيب المستمر: استخدام مرطبات الجو في الأماكن الجافة.

• الراحة أثناء العمل على الكمبيوتر: القيام بفترات راحة منتظمة أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية.

• الابتعاد عن العوامل المهيجة: تجنب التدخين أو التعرض المفرط للهواء الجاف أو الملوثات.

7. الخاتمة

إن جفاف العين يعد من المشاكل الشائعة التي قد يتعرض لها كثيرون، وقد تختلف شدته من شخص لآخر. من المهم أن يتم تشخيص الحالة بشكل دقيق والعلاج المناسب بناءً على السبب الكامن وراء المشكلة. يساعد العلاج المناسب في تقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة، وفي الحالات الأكثر تعقيدًا، يمكن أن تساعد التقنيات الطبية الحديثة في تخفيف المشكلة بشكل فعال.